فرنسا تستعد لأول محاكمة مرتبطة بالإبادة الجماعية للإيزيديين في سوريا

فرنسا تستعد لأول محاكمة مرتبطة بالإبادة الجماعية للإيزيديين في سوريا
محكمة باريس - أرشيف

تشهد فرنسا في مارس 2026 حدثاً قضائياً غير مسبوق يتمثل في أول محاكمة مرتبطة بالإبادة الجماعية التي ارتكبها تنظيم داعش الإرهابي ضد الأقلية الإيزيدية في سوريا، حيث سيُحاكم المتطرف الفرنسي صبري السيد غيابياً بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة.

وتأتي هذه المحاكمة بعد عشر سنوات على الفظائع التي ارتكبها التنظيم المتطرف بين عامي 2014 و2016، في سابقة تُبرز تصاعد الجهود الأوروبية لملاحقة المتورطين في الجرائم الجماعية، حتى بعد مرور الزمن أو في حال وفاتهم المفترضة وفق فرانس برس.

جرائم ضد نساء وأطفال

بحسب القرار الاتهامي الصادر عن قضاة التحقيق في قسم الجرائم ضد الإنسانية بمحكمة باريس، يُتهم صبري السيد المولود عام 1984 في مدينة تولوز الفرنسية، بشراء عدد من النساء والأطفال الإيزيديين من عناصر تنظيم داعش لاستغلالهم جنسياً، ومعاملتهم بوصفهم "سلعاً بشرية".

وروت الناجيات كيف حُرمن من الماء والغذاء والرعاية الصحية وتعرضن لاعتداءات متكررة اتسمت بالعنف والوحشية، وتصف المحامية كليمانس بيكتارت التي تمثل بعض الضحايا، هذه المحاكمة بأنها "لحظة انتظار مؤلمة وطويلة"، مؤكدة أن موكلاتها "يتطلعن إلى أن يُسمع صوتهن أخيراً أمام القضاء الفرنسي".

ورغم أن السيد يُفترض أنه توفي في سوريا عام 2018، فإن القضاء الفرنسي قرر المضي في محاكمته غيابياً لعدم وجود دليل رسمي على وفاته، وكان المتهم قد سافر إلى مناطق الصراع بين العراق وسوريا عام 2014، حيث ظهر لاحقاً في تسجيل مصور للتنظيم وهو يحث طفلاً على تنفيذ عملية إعدام مروعة.

إلى جانب صبري السيد، يواجه شخصان آخران تهماً مماثلة، هما عبد الناصر بن يوسف الذي يُعتقد أيضاً أنه قُتل، وشريكته السابقة سونيا مجري التي عادت إلى فرنسا وتنتظر المحاكمة في عام 2027، بتهم تشمل استعباد فتاة إيزيدية قاصر.

مأساة ما زالت مفتوحة

يشكل الإيزيديون، وهم أقلية ناطقة بالكردية تعيش في شمال العراق وسوريا، إحدى أكثر الجماعات التي تعرضت لانتهاكات مروعة على يد تنظيم الدولة الإسلامية، شملت القتل والاغتصاب والاختطاف والعبودية.

وفي عام 2021، كانت ألمانيا السباقة إلى إجراء أول محاكمة في العالم تتعلق بالإبادة الجماعية للإيزيديين، عندما أدانت محكمة في فرانكفورت العراقي طه الجميلي بالسجن المؤبد بعد أن ترك طفلة تبلغ خمس سنوات تموت عطشاً في الفلوجة.

وتُعد هذه المحاكمة الفرنسية علامة فارقة في مسار العدالة الدولية، إذ تؤكد استعداد المحاكم الوطنية في أوروبا لتحمل مسؤولية ملاحقة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية حين يتعذر الوصول إلى المتهمين في مناطق النزاع، ويرى مراقبون أن الخطوة تمثل رسالة قوية ضد الإفلات من العقاب، وتعزز الأمل لدى الضحايا في أن العدالة يمكن أن تتحقق ولو بعد حين.

وفي صيف عام 2014 اجتاح تنظيم الدولة الإسلامية مناطق الإيزيديين في شمال العراق وسوريا، فقتل آلاف الرجال، وسبى النساء والأطفال، وارتكب انتهاكات وجرائم وصفتها الأمم المتحدة بأنها "إبادة جماعية". وأُجبر عشرات الآلاف على النزوح، في حين لا يزال مصير عدد كبير من النساء والأطفال مجهولاً حتى اليوم.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية